الأربعاء، 19 مارس 2014

رسالة من الأستاذ جعفر الشبيب للمرجع الديني السيد صادق الشيرازي حول عقيدة التقليد

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا
قال تعالى : ( وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّـهِ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴿القصص: ٧٥﴾
    إلى المرجع الديني السيد صادق الشيرازي ومَن يمثّلونه - وفقهم الله جميعاً للهدى – السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
  وردَ في موقعك الرسمي جوابٌ لك لسائلٍ عن أدلة وجوب التقليد , فوجدتُك تستدلُّ بما لا يقبلُهُ منهجُك , فَمِن ثوابت المنهج الأصوليِّ عدمُ بناء عقيدةٍ على دليلٍ ضعيفِ السندِ غيرِ تامِّ الدلالة وغير مجمَعٍ عليه عقلاً , فما السبب الذي دعاك لمخالفة منهجك ؟!!
   فحين سألوك عن الدليل الذي توجبون به تقليد غير المعصوم في زمن الغيبة الكبرى استدللت بآية النفر , وآية السؤال , ورواية (فللعوام أن يقلدوه) , وختمتَها بالاستدلال بالسيرة العقلائية , واشترطتَ أن لا يكون قد رَدَع الشارعُ عنها .  ( يُقصَد بالشارع الشريعة الدينية وسيدها ) .
وهذا رابط السؤال والجواب :
***************
   أقول: سأثبت أنك بالفعل تستدل بأمور أنتم حكمتم عليها بعدم صلاحيتها للاستدلال , وأتمنى منك أو ممن يمثلك أن تجيبوني إن وجدتموني مخطئا أو تعترفون أمام الناس أنكم أخطأتم .
   وسأبدأ بعرض كلمة للسيد الخوئي - رحمه الله تعالى – تخالفُ جوابَك حين صرَّح فيها بعدم تمامية الأدلة النقلية التي تثبت عقيدة تقليد غير المعصوم إذ قال : (( ثمّ إن التكلم في مفهوم التقليد لا يكاد أن يترتب عليه ثمرة فقهية ... لعدم وروده في شيء من الروايات . نعم ، ورد في رواية الاحتجاج ... إلاّ أنها رواية مرسلة غير قابلة للاعتماد عليه إذن فلم يؤخذ عنوان التقليد في موضوع أي حكم لنتكلم عن مفهومه ومعناه) كتاب التقليد والاجتهاد في شرح ص  81  .
     فكيف تخالف السيد الخوئي رحمه الله ؟ هل تستطيع أن تثبت بالدليل أنك في هذه محق وأن قوله باطل ؟  وأكرر (بالدليل) , فالأدلة التي روَّجتها لا تدعم قضيتك أبدًا , وهلمَّ نعرضها على الميزان العلمي :
1 – آية النفر : ((وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) التوبة 122    
   أقول : إن من يُفَسِّرُ هذه الآية بأنها وجوب تقليد غير المعصوم في زمن الغيبة الكبرى في آرائه , فقد انطبق عليه قول آل محمد (ع): ( مَنْ فَسَّرَ القرآنَ برأيهِ فليتبَوَّأ مقعدَهُ مِنَ النّار ) لأنَّ تفاسير آل محمد (ع) صرَّحتْ بغير هذا التفسير كما ورد في صحيحة يعقوب بن شعيب: قال: قلت لأبي عبد الله (ع) : إذا حدث على الإمام حدث كيف يصنع الناس ؟ قال: أين قول الله عز وجل: (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ إلى قوله: يَحْذَرُونَ) قال: هم في عُذرٍ ما داموا في الطلب، وهؤلاء الذين ينتظرونهم في عُذرٍ حتى يرجعَ إليهم أصحابهم)  الكافي ـ ج 1 ـ ص ـ 427
   فالنَّفْر بحسب تصريح الإمام الصادق (ع) يكون للسؤال عن حجة الله تعالى في أرضه المنصوص على إمامته , لا عن ثبوت وجوب تقليد غير المعصوم كما قلتَهُ , وهذا السيد الخميني - رحمه الله -  يخالفك ويقر بأن الآية أجنبية عن حجية قول المفتي , فيقول: ( والإنصاف: أن الآية أجنبية عن حجية قول المفتي .... هذا حال الآيات الشريفة، والآيات الأخر التي استدل بها ، أضعف دلالة منهما) الاجتهاد والتقليد ص 92 ـ 95.
2- آية الذكر: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)
أقول: السيد الخوئي خالفَك في مسألة الاستدلال بهذه الآية في جواز تقليد غير المعصوم فضلا عن الوجوب , فقال: ( الصحيح إن الآية المباركة لا يمكن الاستدلال بها على جواز التقليد وذلك لأن موردها ينافي القبول التعبدي .... فلا مجال للاستدلال بها على قبول فتوى الفقيه تعبداً من دون أن يحصل منها علم بالمسألة ..) . السيد الخوئي ـ كتاب الاجتهاد والتقليد ص90.
فيثبت عدم تمامية هذا الدليل في إثبات المطلب, وشاهدوا كيف حاول أحد طلبة العلم التملُّص من نقاش هذه الآية بعد أن تورّط في إحدى مناظراته وزعم أنها من أدلة التقليد وحاول تغييب الحقيقة على شيعة آل محمد عليهم السلام , ضمن هذا الرابط :
*****************
3 –  رواية (فلِلعوام أن يقلدوه) وأنقلها كما أوردها السيد صادق في جوابه : ( وعن الإمام الحسن العسكري عليه السلام أنه قال: (من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلّدوه). وسائل الشيعة: ج27 ص131.
   أقول : بحسب مباني علم الرجال المعتمدة لدى الأصوليين , تكون هذه الرواية ضعيفة سند وغير تامة الدلالة , وهذا يسقط حجيتها عندهم !! فالسيد الخوئي والسيد الخميني والسيد محمد سعيد الحكيم ضعَّفوا هذا الدليل , وللاختصار أنقل قول أحد الأصوليين لأثبت أن الشيرازي رمى بمنهجه الذي يدعي الالتزام به عرض الحائط !!
* السيد الخميني : ( فالرواية مع ضعفها سندا....) الاجتهاد والتقليد - ص 97 – 98.
* والجدير بالذكر أيضا هو العلامة الحر العاملي – رحمه الله - والذي لا يعتقد بالمنهج الأصولي وبأدلة تقليده , بل يعتبرها بدعة في الدين , قد نقض استدلال الأصوليين بهذه الرواية واتهمهم بمخالفة منهجهم فيها , فقال : (... على أن هذا الحديث لا يجوز عند الأصوليين الاعتماد عليه في الأصول ولا في الفروع ، لأنه خبر واحد مرسل ، ظني السند والمتن ضعيفا عندهم ، و معارضه متواتر ، قطعي السند والدلالة ، ومع ذلك يحتمل الحمل على التقية) وسائل الشيعة - ج 72 ص 131-132/ ج18 ص 94
   إضافة إلى أن الرواية وردت في تفسير الإمام العسكري (ع) الذي ضعَّفه أغلب العلماء الأصوليين , وهذا قول السيد الخوئي فيه :  (...الرواية ضعيفة السند لأن التفسير المنسوب إلى العسكري - عليه السلام - لم يثبت بطريق قابل للاعتماد عليه..) كتاب الاجتهاد والتقليد -  ص 81 ـ 221 – 222.
4 – السيرة العقلائية : (وجوب رجوع الجاهل إلى العالم )
يا سيد صادق : يبدو أن هذا الدليل لا تقدِّمه أنتَ فحسب , بل هو دليل الأصوليينَ كافةً , وهنا أنقل ما أوردتهُ أنت في جوابك فقلتَ: ( إضافة إلى أن السيرة العقلائية في الأمور المهمة على الرجوع إلى أصحاب الاختصاص والدين من أهم ما يكون في حياة الإنسان والسيرة العقلائية حجة ما لم يردع عنها الشارع) ,
   أقول : قاعدة وجوب رجوع الجاهل إلى العالم هي قاعدة صحيحة , والمطلوب إثباته بشكل قطعي هو: مَن المستحق لقب العالم الواجب الرجوع إليه ؟ هل تنطبق على الذي يقدم أحكاما ظنية أم المصيب للحكم الواقعي ؟
    وهنا أترك الكلام لوصي ورسول الإمام المهدي (ع) السيد أحمد الحسن (ع) في جوابٍ له تعرّض فيه لمناقشة الدليل العقلي , ودعا القوم للرد - ولا مِن مجيب - فقال: ( فلا توجد عندهم آية محكمة الدلالة ولا رواية قطعية السند قطعية الدلالة ويمكنك مراجعة أقوال السيد الخوئي والسيد الخميني رحمهما الله وغيرهم من الفقهاء بهذا الخصوص وبالتالي ينتقل هؤلاء اليوم الى الدليل العقلي وهو وجوب رجوع الجاهل الى العالم وقد نقضت عليهم دليلهم هذا بنقضٍ تامٍّ وبيّنت أنه كما قلت أنت (أوهن من بيت العنكبوت) حيث إنهم ظانون ويقدمون ظنونا اجتهادية وهم يقرون بهذا ولا يوجد منهم من يقول إنه يقدم يقينًا ، وبالتالي فالدليل لا ينطبق عليهم لأنهم ليسوا علماءً يقدمون يقينًا ليجب رجوع الجاهل إليهم , فالعلماء الذين يقدمون يقينًا ويحكم العقل بوجوب الرجوع اليهم هم فقط خلفاء الله وهذا ما نقوله نحن : إن الواجب فقط تقليد المعصوم .
وهم لما وجدوا أن ما تقدم لم ينفعهم في إثبات عقيدتهم يحاولون خداع عامة الناس بأن الدليل على عقيدتهم في وجوب تقليد غير المعصوم أو الفقهاء هو رجوع غير المتخصص للمتخصص وهذا الذي يطرحونه قد هدم عقيدتهم الباطلة من حيث لا يعلمون (( وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ))،
فغاية ما يمكن أن يقال في رجوع غير المتخصص للمتخصص هو الجواز وليس الوجوب وهذا يعني أنهم بطرحهم هذه المقالة للاستدلال على عقيدتهم قد تنازلوا عن عقيدتهم الباطلة التي يطرحونها وهي وجوب تقليد غير المعصوم أو الفقهاء.
هم يضربون لكم مثل رجوع المريض للطبيب ليستدلوا على عقيدتهم وهي وجوب تقليد غير المعصوم أو الفقهاء في حين أن رجوع المريض للطبيب والعمل بما يقوله ليس بواجب بل هو جائز فهل إذا تمرضت يجب عليك الذهاب إلى الطبيب وهل يجب عليك العمل بظن الطبيب ؟! إذا كان هو الطبيب نفسه عندما تكون أحكامه ظنية يقول لك هذه نسبة النجاح وهذه نسبة الفشل وأنت مخير ولا يقول لك يجب عليك العمل بما أقول أو يجب عليك تعاطي العلاج الذي أحدده أو يجب عليك إجراء العملية الجراحية التي أظن أنها تسبب لك الشفاء فكثير من المرضى توفوا تحت أيدي الأطباء في غرف العمليات أو نتيجة خطأ الطبيب في تحديد نوع العلاج أو الجرعة اللازمة وبعض المرضى جاؤوا للطبيب بألم ليخرجوا بشلل وعجز عن الوقوف نتيجة خطأ الطبيب الجرّاح الذي يحمل شهادة الدكتوراه في تشخيص قياس قطعة البلاتين اللازمة لتثبيت العظام , وبالنتيجة لا أظن أن هناك عاقل يقول بأن رجوع المريض للطبيب وعمله بما يقوله له واجب ....)  انتهى  .
   بل إنَّك يا سيد صادق قلتَ في جوابك إن السيرة العقلائية حجة ما لم يردع الشارع عنها , وهذه الكلمة هي رد عليكَ بكل ما تحمله الكلمة من معنى , فالشارع المقدس نهى عن الإفتاء بالرأي والظن , وذمَّ الاختلافَ في الدين :
1- قال تعالى : ﴿وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً﴾ النجم .
2- عن الصادق (ع) : ( الحكم حكمان حكم الله عز وجل ، وحكم أهل الجاهلية ، فمن أخطأ حكم الله عز وجل حكم بحكم أهل الجاهلية , ومن حكم بدرهمين بغير ما أنزل الله عز وجل فقد كفر بالله تعالى ) . الكافي:ج7 ص407
3- عن الصادق (ع)أنّه قال: (إياكم والتقليد ، فإنّه من قلّد في دينه هلك ، إنّ الله تعالى يقول: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ ، فلا واللهِ ما صلّوا لهم ولا صاموا ولكنَّهم أحلّوا لهم حراماً وحرّموا عليهم حلالاً، وقلَّدوهم في ذلك فعبدوهم وهم لا يشعرون) . تصحيح الاعتقاد للمفيد: ص72 .
يا سيد صادق : الآن ثبت أن كل ما قلتَهُ مردودٌ , ولا يصمد أمام الميزان العلمي , والدليل اليقيني القطعي في الرجوع لغير المعصوم غير متوفر عندك وعند بقية الأصوليين , فدليلكم أوهامٌ مزعومة , وآن لها أن تتبخَّرَ وتُقبرَ إلى الأبد , لتسطعَ شمس الحقيقة ويعودَ الحق لنصابِه , وتُرَدَّ الأمانات لأهلها آل محمد (ع) .
هذا وأنتظر الجواب على رسالتي منكَ أو مِمَّن يمثّلونك أو يمثّلون المنهج الأصولي
ولا حول ولا قوة إلا بالله
جعفر الشبيب
الأربعاء الموافق : 18 / 5 / 1435 ه

السبت، 1 مارس 2014

رسالة من الأستاذ جعفر الشبيب إلى المرجع الديني السيد محمد صادق الروحاني


بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما

قال تعالى: (وَيَزِيدُ اللَّـهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا ﴿٧٦﴾مريم

     في الموقع الرسمي للمرجع الديني السيد محمد صادق الروحاني -وفقه اللهُ للهُدى – وقعت يدي على بعض أجوبة له أحببتُ أن أُبْدي عليها ملاحظتي لأنها مجانِبة للحقِّ والحقيقة , وأتمنى منه أو مِمَّن يمثِّلُه أن يجيبوني إن كانوا يعتبروني مخطئا فيما أقوله .

   حين سألوا المرجع عن دعوة اليماني أشار إلى أن عند الشيعة روايات متواترة تقول بأنه يجب تكذيب من يدعي السفارة فقال : (وأنّ الأخبار قد تواترت على النهي عن متابعة كلّ مَن يدّعي السفارة ونحوها عن الإمام الحجّة المنتظر ) , وقال في جواب آخر : (قد دلّت الأخبار المعتبرة على أنّ كلّ من يدّعي رؤية الإمام المهدي ( أرواح من سواه فداه ) فكذّبوه)

تجدون كلامه تحت هذه الروابط :



***********************

   أقول: أين هذه الروايات المتواترة والأخبار المعتبرة القائلة بوجوب تكذيب كل من يدعي السفارة ؟

الحقيقة: لم يرد عن آل محمد عليهم السلام روايات متواترة ومعتبرة تشير لما يقول به المرجع .

بلى , وردت رواية (واحدة)  , وأكرر (واحدة) !!
وهي توقيع السمري رضوان الله عليه وقد أشارت إلى أنه (مَن ادعى المشاهدة قبل السفياني والصيحة فهو كذاب مفترٍ ) .

وهذه الرواية غير صالحة للاستدلال العلمي بحسب منهج الأصوليين الذي ألزموا أنفسهم به , وذلك من جهة كونها ضعيفة السند وغير تامة الدلالة , بل هم لا يجيزون الاحتجاج برواية آحاد في أمر عقائدي حتى لو كان سندها صحيح .

 

- فأما ضعف سندها , فلجهالة الحسن بن أحمد المكتب كما نُصَّ عليه في كتاب: المفيد من معجم رجال الحديث لمحمد الجواهري صفحة 135 ،فقال: ( الحسن بن أحمد المكتب:أبو حمد، من مشايخ الصدوق، كمال الدين – مجهول)) .

على أن بعض طلبة العلوم الدينية أشاروا لضعفها في محاضرات صوتية مسجلة ومنشورة لهم كالشيخ حبيب حمادة والسيد مجاهد الخباز والسيد إمام جزائري وغيرهم .

 

- وأما من جهة دلالتها , فكلمة المشاهدة مختلف في معناها اختلافا كثيرا .

وهذه بعض اختلافاتهم في فَهْمِ معنى المشاهدة الواردة في التوقيع :

1 –  المشاهدة تعني السفارة , والعلامة المجلسي رحمه الله هو أول من قال بهذا المعنى على سبيل الاحتمال ليس إلا , وهذا نص قوله : ((بيان: لعله محمول على من يدعي المشاهدة مع النيابة وإيصال الأخبار من جانبه عليه السلام إلى الشيعة، على مثال السفراء لئلا ينافي الأخبار التي مضت وستأتي فيمن رآه عليه السلام والله يعلم)) بحار الأنوار :ج 52  ص 151.

2- المشاهدة تعني الرؤية البصرية واللقاء كما شرحها السيد كمال الحيدري , وقال إنه يُشْفِق على من يقول بأن معناها هو السفارة .

 3 – المشاهدة تعني مشاهدة الإمام وانتهاء غيبته أي أنها بمعنى الظهور العلني للإمام . ( وهذا هو الرأي الأصوب من بين الآراء طبعا)

ذهب لهذا القول المحقق النهاوندي في كتابه العبقري الحسان وتبعه الشيخ حسين الكوراني والشيخ عبدالحليم الغزي , فقال النهاوندي : ((التوقيع الشريف بصدد منع دعوى الظهور العلني للإمام ، وذكر المشاهدة في التوقيع بمعنى الظهور والحضور كما في الآية ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ , والقرينة على المعنى أمران: الأول قوله فلا ظهور إلا بعد الهرج والمرج، والفتنة والفساد. والثاني قوله ألا من ادعى المشاهدة – أي الظهور، ظهور الإمام – قبل خروج السفياني والصيحة من علامات الظهور، وعلى هذا لا تعارض أبداً بين التوقيع الشريف وبين الحكايات …)).

   هذا على أن جملة من علماء الشيعة كانوا يؤمنون بقصة الجزيرة الخضراء والتي يدور مفادها على أن للإمام المهدي سفير وأولاد في أطراف البحار فهم لا يفهمون من المشاهدة معنى السفارة وإلا فكيف يؤمنون بقصة الجزيرة الخضراء إذن ؟

ومن هؤلاء الذين قالوا بقصة الجزيرة الخضراء: ( السيد نور الله التستري، والشيخ علي الحائري ، والمقدس الاردبيلي، والفيض الكاشاني والشهيد الأول محمد بن مكي، والسيد هاشم البحراني , ومنهم العلامة الميرزا الرضا الاصفهاني في تفسير الأئمة لهداية الأمة ، ومنهم الحر العاملي ، ومنهم المحقق الكركي ، ومنهم مؤسس المدرسة الأصولية الوحيد البهبهاني ، والسيد عبد الله شبّر في جلاء العيون ومنهم السيد مهدي بحر العلوم صاحب الكرامات والمقامات في الفوائد الرجالية ) .

   إذن: ثبت أن المرجع الروحاني وقع في خطأ فادح , وهو قوله بوجود روايات متواترة ومعتبرة تدل على أن كلَّ من يدعي السفارة فيجب تكذيبه , ولذا :فعلى المرجع الروحاني" أو على من يمثِّله أن يجيب على هذا الأمر , لكي لا يصدر القارئ "و المتتبع لأخبار الظهور"  فيه حكمًا "بأن المرجع الروحاني" غير دقيق في النقل او يعوزه الاطلاع الشامل و الكافي لكي يقع في الخطأ الكبير و الفادح, وإلا فالأخبار التي تدل على أن المهدي سيرسل رسولا للناس قبل ظهوره قائمة وهذا يقع على العكس مما ذهب إليه المرجع , وهذا طرف منها:

1 - النعماني:187 : عن الباقر (ع) (يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب – و أوما بيده إلى ناحية ذي طوى حتى إذا كان قبل خروجه أتى المولى الذي كان معه حتى يلقى بعض أصحابه ، فيقول : كم أنتم هاهنا ؟ فيقولون : نحو من أربعين رجلا ، فيقول : كيف أنتم لو رأيتم صاحبكم ؟ فيقولون : والله لو ناوى بنا الجبال لناويناها معه ، ثم يأتيهم من القابلة ويقول : أشيروا إلى رؤسائكم أو خياركم عشرة ، فيشيرون له إليهم ، فينطلق بهم حتى يلقوا صاحبهم ، ويعدهم الليلة التي تليها)

2- الكافي ج 1 ص 340: عن إسحاق بن عمار قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : [للقائم غيبتان : إحداهما قصيرة والأخرى طويلة ، الغيبة الأولى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة شيعته ، والأخرى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة مواليه].

3- غيبة الطوسي ص162: عن أبي عبدالله (ع) أنه قال: ( إن لصاحب هذا الأمر غيبتين أحداهما تطول حتى يقول بعضهم: مات ويقول بعضهم : قتل ويقول بعضهم : ذهب حتى لا يبقى على أمره من أصحابه إلا نفر يسير لا يطلع على موضعه أحد من ولده ولا غيره إلا المولى الذي يلي أمره ).

4- غيبة الشيخ الطوسي : عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (ع) قال : ( لابد لصاحب هذا الامر من عزلة ولابد في عزلته من قوة ، وما بثلاثين من وحشة ، ونعم المنزل طيبة ) .

5- البحار ج52ص 244/ عن الإمام الصادق عليه السلام قال " لا يقوم القائم حتى يقوم اثنا عشر رجلا كلهم يجمع على قول إنهم قد رأوه فيكذبونهم "

 قال الكوراني معقباً على هذه الرواية: ( ويبدو أنهم رجال صادقون بقرينة تعبيره عليه السلام عن اجماعهم على رؤيته ، وتعجبه من تكذيب الناس لهم ، أي عامة الناس . ويظهر أن رؤيتهم له عليه السلام تكون في تلك الفترة التي يظهر فيها في خفاء ليستبين ، فيعلو ذكره ويظهر أمره ). عصر الظهور - الشيخ علي الكوراني العاملي - ص 253 -254.

 

هذا وأنتظر رد المرجع أو من يمثله

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

والحمد لله رب العالمين

(فَإِن لم يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّـهِ وَأَن لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴿١٤﴾ سورة هود

جعفر الشبيب

السبت 29 / 4 / 1435ه